على خلاف السائد في كثير من الأعمال الروائية، التي تكون الرواية مبنية حبكتها وجوهرها على أحداث من الماضي أو الحاضر، تستحضر المؤلفة ميرة المنصوري، في روايتها "البوابات الكونية " المستقبل. وتضع هذا المستقبل بتقنياته الصناعية والحضارية وثورته الاتصالية، كواقع تعيشه البشرية الآن، وهي بهذا تنقل القارئ بمهارة نحو عقود أو قرون قادمة، وعندما تريد المؤلفة أن تستحضر الماضي، فإنها في الحقيقة تستحضر الحاضر الذي نعيشه الآن، كونه في الرواية بمثابة زمن انتهى.
لكن جوانب الدهشة لا تتوقف هنا، حيث تأخذ القارئ نحو رحلات في عوالم من الكون الفسيح، وتجيد بمهارة ربط هذه العوالم ببعض من الأساطير التي تعايش معها الإنسان طوال حقب زمنية ضاربة العمق في الزمن. كما أنها تبحر و تتوغل في كَونٍ آخر متفرد بحد ذاته، كَون موجود في كل شخص، كون داخليّ في كل نفس بشرية ينتظر استكشافه.
"البوابات الكونية" عمل روائي متنوع ضم بين جوانبه الخيال والرعب، والابتسامة، و حالة الوعي الإنساني بعناصرها و معادلاتها التي تستعرض الحالة الإنسانية بصفة عامة عندما تتلبسها المشاعر والأحاسيس والقيم العديدة، مثل الوفاء والأمل و اليقين والخيبة والخديعة، وكأن المؤلفة ميرة المنصوري، تريد القول أن الإنسان هو نفسه في الماضي والحاضر والمستقبل. لكن المعنى الحقيقي، الذي تؤسس له الرواية، يتمثل في سعي الإنسان الأزلي نحو المعرفة، وتفسيره للظواهر ومحاولاته لفهم الكون الذي يعيش فيه و الكون الذي بداخله.
"البوابات الكونية" رواية كتبت بعقل يستحضر المستقبل و يتخطى الحدود المعروفة للمنطق و يسبر أغوار النفس البشرية.